للأسف جهل البعض بدلالة مفردات اللغة العربية،
يعد من أبرز أسباب الخطأ فى التفسير؛
ومن ثم استنباط معانٍ غير مرادة من الآيات،
ومن أمثلة ذلك زعْمُ بعضهم أنَّ القرآن قد أهان
المرأة حين جعل شهادة امرأتين بشهادة
رجل واحد فى قوله تعالي»
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ
فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ...»،
فالخطأ هنا قد نشأ لعدم إدراكهم
الفرق بيْن «الشهادة» و»الإشهاد»؛
فالشهادة بينة يعتمد عليها القاضى
لا علاقة لها بذكورة أو أنوثة،
وإنما معيار صدقها هو اطمئنان القاضِى
لصدق الشاهد أيا كان جنسه،
أما الإشهاد فيعنى قيام صاحب الدَّين بإشهاد
غيره على هذا الدين ليستوثق حقه ويحفظ ماله.
وموضوع الآية التى أسيء فهمها هنا
هو «الإشهاد»لا «الشهادة»؛
إذ الكلام فيها مُوجَّه للدائن لا للقاضي،
تطلب من الدائن أن يُشْهِدَ على دينه،
وبينت خاتمتها سبب جعل شهادة امرأتين
فى مقابل شهادة رجل واحد، بأن تذكر
إحدى السيدتين إذا نسيت بسبب طول العهد
ولم تضبط، لاسيما فى الديون والعقود
الخاصة بالرجال عادة، والتى يكون
احتمالُ نسيان المرأة فيها واردا،
إذ تذكر المرأة لحادثة الإقرار بالدين أمرٌ يحتاج
إلى إعمالِ عقل وتذكر، بخلاف ما تباشره
بحواسها كالولادة والرضاع والعيوب
الخفية فى المرأة؛ فهذا كله لا يحتاج
إلى إعمال عقل، ومن ثم كان وجود امرأتين
أضمن لصاحب الحق؛ فإن أضفنا إلى ذلك
أن ثمة مسائل لا تُسمَع فيها شهادة الرجل،
وإنما تُسمع فيها شهادةُ المرأة فحسب،
كالولادة، والرَّضاع، والعيوب التى تحتَ الثياب،
وأن الأمر فى «واستشهدوا» للاستحباب لا للوجوب،
وأن الشهادة مسئوليةٌ وتكليفٌ وعبءٌ
لا ثمرة تعود على الشاهد منه، علمنا أن ليس ثمة
تشريف للرجل أو إهانة للمرأة كما يزعمون،
فسبحان الله فى قوله وفعله وعلمه
وحكمته فيما ينفع جميع خلقه.
القول الفصل الإشهاد لا الشهادة
العرض العادي
