الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي:
{ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }
يَذِلُّون بها فلا يلوي أحدٌ منهم عُنُقَه إلى معصية الله تعالى.
تفسير البغوي "معالم التنزيل":
قال قتادة: لو شاء الله لَأنزَلَ عليهم آية يَذِلُّونَ بها فلا يلوي أحدٌ منهم
عنُقَه إلى معصية الله. وقال ابن جريج: معناه لو شاء الله لأراهم أمرًا من
أمره لا يعمل أحد منهم بعده معصيةً.
وقوله عز وجل: { خَاضِعِينَ } ولم يقل: خاضعة، وهي صفة الأعناق،
وفيه أقاويل:
أحدها: أراد أصحاب الأعناق، فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم؛
لأن الأعناق إذا خضعت فأربابُها خاضعون، جعل الفعل أولًا للأعناق،
ثم جعل خاضعين للرجال.
وقال الأخفش: رد الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه.
وقال قوم: ذكَّر الصفة لمجاورتها المذكَّر،
وهو قوله: "هم"، على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكَّر،
وتأنيث المذكَّر إذا أضافوه إلى مؤنَّث.
وقيل: أراد فظلوا خاضعين، فعبَّر بالعنق عن جميع البدن؛
كقوله: { ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [الحج: 10]،
و{ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [الإسراء: 13]،
وقال مجاهد: أراد بالأعناق الرؤساء والكُبراء،
أي: فظلَّتْ [رؤساؤهم] وكبراؤهم [لها] خاضعين.
وقيل: أراد بالأعناق الجماعات؛
يقال: جاء القوم عُنُقًا عُنُقًا؛
أي: جماعاتٍ وطوائفَ.
وقيل: إنما قال: {خاضعين}على وفاق رؤوس الآي؛ ليكون على نسق واحد.