كيف نخبر بناتنا عن التحرش بدون ترويعهن من العالم؟
ما إن علمت أن تمرين ابنتي الرياضي بعد المدرسة لن يحضره سواها وزميل لها والمدرب فقط حتى أعطيتها بضعة تحذيرات، لأجدها تصرخ فيَّ قائلة: "ماما، العالم مش وحش زي ما انتي فاكرة، انتي بتقلقيني وتخوفيني من حاجات ممكن ما تحصلش". صدمتني الجملة من ذات العشر سنوات، التي أصبح لها الآن رأي ورؤية في العالم، هل بالفعل أعطي ابنتي رسائل خفية حول قسوة العالم؟ هل تتجمد الصغيرة رعبًا بسبب تحذيراتي ونصائحي؟ وماذا لو عرفت هي عن قسوة العالم بالطريقة الصعبة؟ بالتجربة المباشرة مثلما حدث لي وعشرات النساء غيري، أليس من واجبي حمايتها؟ لا يمكن أن أبدأ الحديث عن التحرش، إلا وتنفتح في عقلي هوة من الذكريات المتشابكة، بعضها خاص بي، وأخرى بصديقات وقريبات حكين لي عن تجاربهن التي غيرت نظرتهن لأشياء كثيرة، منها حتى الروابط العائلية. تشير إحدىالإحصائياتإلى أن 85% من ضحايا التحرش في مصر من الأطفال، وحتى لو لم أعرف عن هذه الإحصائية، أنا وغيري من الأمهات، فإحساسنا وتجاربنا السلبية تقلقنا على فتياتنا الصغيرات، خصوصًا مع وجودهن خارج المنزل لساعات طويلة، سواء في المدرسة أو التمارين الرياضية. على الجانب الآخر، قد يصبح هذا القلق من التحرش في حد ذاته مؤذيًا، ويمنع الفتيات من التعامل بحرية وثقة في محيطهن، وطبقًا لدراسة -أجريت عام 2021 في السويد- فهو كذلك يؤثر على تقدمهن الدراسي والعملي. لذلك علينا هنا إيجاد إجابة مناسبة عن سؤال: كيف لا نكبل بناتنا بصورة سوداوية تجعلهن يرين الجميع وحوشًا، وفي ذات الوقت نحميهن من خطر التحرش؟ بالتأكيد يجب أن تمتلك كل فتاة الوعي بما يحدث في العالم من حولها، فالعالم ليس مكانًا موحشًا ولكنه أيضًا ليس واحة آمنة، ونقل القلق المفرط لبناتنا قد يجعلهن خائفات لدرجة تمنعهن من الاستمتاع بحياتهن، وتحقيق النجاح الذي نأمل فيه كأولياء أمور لهن. توعية منذ الطفولة المبكرة <hr> تعيش الفتيات، حتى سن المدرسة، في بيئات محمية إلى حد كبير، بعدها ينطلقن إلى العالم الجديد، الأمر الذي يستدعي درجة من التوعية ضد المخاطر التي قد يتعرضن لها خارج المنزل، ولكن مع قرب البلوغ تأخذ التوعية منحى أكثر صراحة، من أجل تحديد الطبيعة الجنسية لممارسات التحرش التي قد تواجهها الفتيات. http://www.jensaneya.org/uploads/Par...harassment.png ترددت منار حازم في اختيار الوقت المناسب لتحذير ابنتها، الموشكة على الدخول للمدرسة، من الأخطار التي قد تواجهها خارج المنزل، شعرت أن عليها اختيار لحظة مثالية لتستمع إليها الصغيرة بتركيز، ولكن أيضًا لا تجعلها خائفة من المدرسة أو زملائها ومعلميها ومعلماتها، فتصبح تجربة الانفصال والخروج من المنزل أكثر صعوبة. علمت منار أن لديها خبرات يجب نقلها للطفلة، ولكن الأمر ليس مجرد شرح مسألة رياضية صعبة، أو تعليمها حرفًا أبجديًا جديدًا، أو كيفية عقد رباط حذائها، ستغير هذه الكلمات جزءًا من ذهن الصغيرة، وستضفي على عالمها الآمن بعض الشكوك، فكيف تقول ما ترغب فيه دون إخافتها إلى الأبد؟ قالت منار: "أخذت ابنتي في حضني، وبدأت أتحدث معها حول جسمها وخصوصيته، كنت حذرة للغاية، وخشيت أن أقول أكثر من اللازم أو أقل، وحتى الآن لا أعلم هل ما قلته كافٍ أم لا". لو قسمنا المرحلة العمرية التي نحاول تغطيتها هنا وهي من سن الثالثة تقريبًا وحتى البلوغ، إلى قسمين، نجد أن ابنة منار حازم ذات الستة أعوام تنتمي إلى القسم الأول، أي "الطفولة المبكرة"، والتي تمتد حتى الثامنة من العمر تبعًا لليونيسيف، وهي المرحلة التي تكون فيها الفتيات لا زلن بالفعل طفلات، وفي مرحلة بناء وعيهن الأولي تجاه العالم. المرحلة التالية تمتد إلى ما قبل البلوغ، وفيها تبدأ التغيرات الجسدية لدى الفتيات، الأمر الذي يثير قلق أولياء الأمور، لأن هذه التغيرات تحيل الأذهان إلى أنهن معرضات للخطر بنسبة أكبر الآن. التوعية ضد التحرش ليست مهمة الأمهات فقط، بل الآباء كذلك، وبسؤال محمد فاروق، وهو أب لابنة في ذات المرحلة العمرية، حول طريقة تعامله مع هذه المهمة، أعرب عن قلقه كذلك من الحد الفاصل بين التحذير والإخافة، فهو دومًا يجد نفسه ملجمًا نتيجة لرغبته في عدم نقل قلقه لطفلته، فيقول عن ذلك: "أخبرها فقط بتحذيرات عامة حول المساحة الشخصية، ولكن لا أتطرق إلى نقطة التحرش، وأشعر طوال الوقت أن تحذيراتي العامة غير كافية، ولكن لا أعلم ماذا أفعل غير ذلك!". لمياء لطفي لديها ابنتان وولد، ثلاثتهم في فترة ما قبل البلوغ وبدايات المراهقة، ولديها وجهة نظر أكثر صرامة: "أُفَضِّل أن أجعل بنتيَّ خائفتين من العالم، على أن يُصدما بنفسيهما". لذلك اختارت أن تكون صريحة في توعيتها، ولكن هذه الطريقة لم تأت بنتائج إيجابية معهما على وجه التساوي، فبينما تقبلت إحدى الفتاتين تحذيراتها عن طيب خاطر، غضبت أخرى، وأخذت تسأل "لماذا؟" على كل اقتراح قدمته لمياء، الأمر الذي أقلق الأخيرة من إنها لن تتعلم سوى بالتجربة، وليس لديها وسيلة الآن سوى تمني أن يصبح العالم رحيمًا بها. http://www.jensaneya.org/uploads/Parenting/teen.png رأي الخبراء <hr> يحاول الآباء والأمهات حماية الصغار من كل أنواع الأخطار من سن صغيرة للغاية، مثل الابتعاد عن الموقد الساخن، أو مخارج الكهرباء، أو كيف يتفحصون الاتجاهين قبل عبور الشارع في سن أكبر، ولكن في أغلب الأحيان لا تجري التوعية ضد التحرش إلا بعد سن أكبر بكثير، أو بعد فوات الأوان، إذ يعتقدون أن الأطفال صغار جدًا أو أن هذه التحذيرات مخيفة للغاية، ولكن هذا الحديث ليس سابقًا لأوانه أبدًا، وليس من الضروري أن تكون المحادثة مخيفة. يمكن أن نقسم النصائح التي يمكن أن نزود بها أطفالنا وفقًا للقسمة العمرية التي ذكرناها سابقًا، أي نصائح خلال الطفولة المبكرة، وأخرى خلال فترة ما قبل البلوغ. في مرحلة الطفولة المبكرة (من الولادة إلى عمر 8 سنوات):
http://www.jensaneya.org/uploads/Parenting/doll.png في مرحلة ما قبل البلوغ (من 8 سنوات إلى البلوغ/ الطمث):
لا يُفتَرَض أن تتحول التوعية ضد التحرش إلى ممارسة تثير ذعر الفتيات، وتُحَوِّل كل شخص إلى مغتصب أو متحرش محتمل، بل الهدف منها تعليمهن سلوكيات تجعلهن أقوى، وتمدهن بأسلحة للمقاومة نتمنى ألا يضطررن لاستخدامها في يوم من الأيام. |
|
سلمت يمنآك لآعدمنآك
طرح رآئع جميل بآرك الله فيك نـونو1 |
الله يعطيك العافية
سلمت يداك و دام عطائك |
الساعة الآن 07:34 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas