نشأة وتاريخ ظهور عِلم أصول النّحو بدأ عِلم أصول النّحو على هيئة غير مُنفصلة عن علوم الّلغة العربيّة الأخرى، فلم يكن هُناك تمييز بينه وبين علوم النّحو، أو البلاغة، أو
نشأة وتاريخ ظهور عِلم أصول النّحو
بدأ عِلم أصول النّحو على هيئة غير مُنفصلة عن علوم الّلغة العربيّة الأخرى، فلم يكن هُناك تمييز بينه وبين علوم النّحو، أو البلاغة، أو التّصريف، أو العروض، وغيرها من العلوم، ومع تطوّر عمليات التّأليف لاحقاً بدأتْ العُلوم تُفصّل وتُميّز بشكل مُستقلّ، أمّا بخصوص عِلم أصول النّحو فقد فصّل أبو بكر بن السّرّاج مسائله ومحّص الدّقائق الواردة فيه، وهذا ما جعل لكِتابه (أصول النّحو) دوراً كبيراً في هذا العِلم، بالإضافة إلى إشارته فيه إلى أقسام العِلل النّحويّة، والضّرورة الشِّعريّة، كما أضاف كِتاب (الإيضاح في عِلل النّحو) للزّجاجيّ الكثير لهذا العلم، إذ حوى تفصيلاً للعِلل النّحويّة، كما قَدِم بعدهما أبو الفتح ابن جنّيّ صاحب كِتاب (الخصائص)، والذي يُعتبر أوّل المُشيرين إلى هذا العِلم، والحاثيين على تحريره فبحث فيه وطوّره، وقال في كتابه الخصائص حول هذا: "وذلك أنّا لم نجد أحداً من عُلماء البَلدَين تعرض لعِلم أصول النّحو"، وقصد بالبلدين مدينتيّ البصرة والكوفة، واسترسل مُبدياً رأيهُ في كتاب ابن السّراج قائلاً: "فأمّا كِتاب أبي بكر بن السّرّاج، فلم يُلملِم فيه بما نحن عليه إلّا حرفاً أو حرفيْن في أولّه"، ويجب التّنويه أنّ ابن الجنّيّ كان قد أورد العديد من الأدلّة النّحويّة في أصول النّحو، مِثل القياس، والسّماع، والإجماع، والتّعليل.
تلاحَق العُلماء بعد ابن السرّاج وابن جنّي، فكان منهم الأنباريّ الذي ألّف كِتابيْ (لمع الأدلّة)، و(الإغراب في جدل الإعراب)، ثمّ تلاه بعد عدّة قرون الإمام السّيوطيّ الذي ألّف كِتاب (الاقتراح)، والذي يُعدّ كتاباً جامعاً لأصول النّحو، إذ لم يقتصر الكِتاب على المادّة العِلميّة الخاصّة بأصول النّحو فقط إنّما أضاف إليه العديد من المباحث الدّقيقة التي قام بتحليلها ودراستها، وتجب الإشارة إلى أنّ أصول النّحو بدأت بالظّهور بالتّزامُن مع ظهور النّحو، ويقول فاضل السّمرائيّ بهذا الخصوص أنّ عِلم أصول النّحو قديم حاله حال عِلم النّحو، ويُعلِّل علاقة وجودهما معاً بأنّ القبول، والتّرجيح، والرّفض والقياس للقواعد الخاصّة بالنّحو، كان لا بُدّ لها من أصول مكتوبة، أو أن تكون معلومة لدى عُلماء النّحو، كما ذكر أنّ كِتاب سيبويه المُسمّى (الكتاب)، مليء بالأصول النّحويّة، ويُذكر أنّ الكاتبة خديجة الحديثيّ أشادتْ بالكتاب فقالت أنّه "من أوائل كُتب النّحو تأليفاً، قد بُنيتْ قواعده على هذه الأصول المنهجيّة".